مسجد عمرو بن العاص بمدينة الفسطاط |
ديانة أهل مصر قبل الإسلام:-
يعتقد البعض أن أهل مصر كانوا يدينون بديانة وثنية عندما جاء عمرو بن
العاص إلي مصر فاتحاً عام 641م. و هو خطأ تاريخي شائع. فأهل مصر كانوا
يعتنقون المسيحية قبل دخول الإسلام.
دخول المسيحية إلى مصر:-
دخلت المسيحية مصر علي يد مرقص الرسول عام 55 م. و مرقص هو واحد من
سبعين رسول اختارهم السيد المسيح للتبشير بالمسيحية في كل أنحاء العالم.
جاء مرقص إلي مصر و أقام بالأسكندرية، و قام بكتابة أحد الأناجيل
المعترف بها حالياً و هو إنجيل مرقص سنة 58 م. كما أنشأ المدرسة
الإكليريكية لتعليم الدين في الأسكندرية سنة 61 م. و قام المسيحيون ببناء
أول كنسية للمسيحية في مصر في مدينة الأسكندرية، و كان مرقص هو أول بطريرك
للكنيسة. للذلك تسمي بالكرازة المرقصية.
اضطهاد المسيحيين فى عهد الرومان:-
و لكن المسيحيون الذين اتبعوا مرقص الرسيول ما لبثوا أن تعرضوا للإضطهاد
علي يد الرومان الوثنيين الذين قبضوا علي مرقص الرسول و سجنوه و عذبوه حتي
مات سنة 68 م. و توجد رأسه حالياً بالكنيسة المرقسية في الأسكندرية.
البابا كيرلس السادس يتسلم رفات رأس القديس مرقص من الفاتيكان عام 1968م |
تعرض المسيحيون في مصر للإضطهاد علي يد الرومان الوثنيين، و بلغ
الاضطهاد ذروته في عهد الإمبراطور الروماني دقليديانوس عام 284 م، لذلك سمي
عصره بعصر الشهداء لكثرة ضحايا الاضطهاد، و به يبدأ التأريخ القبطي.
و ظلت الأمور علي هذه الحال حتي تولي الإمبراطور قسطنطين العرش في روما
سنة 306 م، حيث أجاز اعتناق الديانة المسيحية في امبراطوريته عام 313م، و
بذلك انتهي عصر اضطهاد المسيحيين في مصر لفترة قصيرة.
تكون الفرق فى المسيحية:-
بعد أن أصبحت الديانة المسيحية هي الديانة السائدة في كل أنحاء
الإمبراطورية الرومانية و منها مصر، بدأت بوادر الانشقاق في صفوف الكنيسة
عندما دعا الإمبراطور قسطنطين لاجتماع مختلف رجال الدين من كل أنحاء
الإمبراطورية للاتفاق علي تحديد طبيعة السيد المسيح.
و كان أريوس في الأسكندرية قد بدأ في الدعوة لمذهبه القائم علي عدم
إلوهية السيد المسيح، فقام البطريرك الاكسندروس بتجريده من منصب الكهنوت، و
أُحرقت كتبه و شطبت تعاليمه.
و ظل الاختلاف سائد في الإمبراطورية بين ثلاث فرق، فرقة بزعامة أريوس
تقول بإنسانية السيد المسيح و ترفض ألوهيته، و فرقة ثانية يتزعمها
الإمبراطور قسطنطين تقول بأن المسيح له طبيعتان دون اندماج هما طبيعة
إلاهية و أخري إنسانية، و الفرقة الثالثة متمثلة في الكنيسة في مصر و الشام
تقول بأن المسيح له طبيعة واحدة هي طبيعة إلاهية.
و كانت اللحظة الفاصلة في تاريخ الكنيسة المسيحية هو اجتماع رجال الدين
المسيحي في مجمع خلقدونية الذي عقد عام 451 م لتحديد بصفة نهائية طبيعة
السيد المسيح.
و كان نتيجة التصويت الذي حدث في المجمع انتصار الفرقة التي تقول
بطبيعتين للمسيح، واحدة إلاهية و أخري إنسانية. و لكن الكنيسة الشرقية في
مصر و الشام التي كانت تقول بوحدة طبيعة المسيح الإلاهية رفضت قرارات
المجمع، و انفصلت عن كنيسة روما و كونت الكنيسة الأرثوزكسية، بينما كونت
الفرقة الثانية المنتصرة في المجمع الكنيسة الكاثوليكية في روما.
أما أتباع فريق طبيعة المسيح الإنسانية فقد تعرضوا للاضطهاد في كل أنحاء
الإمبراطورية و رفضت تعاليمهم من قبل الإمبراطورية الرومانية التي وضعت
ثقلها خلف المذهب القائل بوجود طبيعتين للمسيح.
الفتح الإسلامى وحرية الإعتقاد:-
و نتيجة لهذا الانقسام الذي حدث في الكنيسة عاد الرومان إلي اضطهاد
المصريين المخالفين لهم في المذهب، و ظلت الأمور كذلك حتي جاء عمرو بن
العاص لمصر فاتحاً عام 641 م، فأطلق للمسيحيين حرية الاعتقاد بمذهبهم، و
أوقف سياسة الاضطهاد و المطاردات لرجال الدين الميسحي.
المراجع:-
- النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة، أبو المحاسن يوسف بن
تغري بردي، تعليق محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت ، 1992 م
- مشاكل الأقباط في مصر و حلولها، نبيل لوقا بباوي، 2001
- موجز تاريخ المسيحية، الأنبا ديوسقورس، مكتبة المحبة،2003
0 التعليقات:
إرسال تعليق